top of page

و لَكم تغيرتي يا نفسي

Updated: Feb 6, 2024


ree

بقلم : هيا العقيل



لكَم تغيرتي يا نفسي..

أطالعك كل يوم لأطمئن على أحوالك ، فلا أجدك على نفس الحال


يوتّرني هذا، يحيّرني هذا، و يشتتني هذا..


هل أنا السبب يا تُرى.. ما أفعل، ما أقرأ، من أرافق، ما أشاهد، من أُتابع .. أم هي سنّة كونية في أن أستمر في هذا التغيير حتى نهاية رحلة العمر


أسرح أحيانا فيحملني خيالي إلى ذاك الموقف الذي اعتقدتُ و أيقنتُ فيه بلا أدنى شك أنني على صواب، و يهزّني واقعي على انهيار مدوٍّ لنفس ذاك الموقف و الاعتقاد الذي ما عاد يمتّ لي بصلة الآن، دافعتُ عنه في الماضي ، و اليوم هو لا يستحق مني حتى الالتفات


الكثير من ألغاز الحياة قابل للحل في وقت ما، في ظرف ما، في بيئة ما، في عصر ما، إلا لغز النفس يصعب حله، فهو شبكة مترابطة تصل ما قبلها بما بعدها، تصل باطنها بخارجها، تصل ماضيها بحاضرها.. لا بل و بمستقبلها


إليك نفسي أقول:


بعد فترة سأطمئن على حالك و سأراك في حال مختلف،

أتمنى أن يكون أفضل.. أتمنى أن يكون أجمل


أتمنى أن أرتقي بك سلّم الخير الحقيقي الذي يقبله الله، و ليس سلّم الخير "النفاقي" الذي يقبله المجتمع..


أتمنى أن أكون راضية عنك بوجود لا أحد، تماما كما أكون راضية عنك بوجود ذاك الأحد..


أتمنى أن تزيلي عنك كل شيء مزيّف اعتقدتِ يوما ما أنه حقيقي..


و أتمنى أن تحاولي دوما السير نحو الأفضل، و إن كانت هذه المحاولة في أحيان كثيرة قد لا توصلك لما تتمنين.. لكن أن تحاولي دوما فهذا في حدّ ذاته نجاح، في حد ذاته مثابرة، في حد ذاته تفاؤل، في حد ذاته مرونة، في حد ذاته... إنجاز


هذا الإنجاز الذي يستطيع كل إنسان تحقيقه -إن قرّر هذا- هذا الإنجاز الذي بدايته و وسطه و نهايته يتلخص بكلمة السعي، السعي الذي سوف يُرى ، السعي الذي سيُلقي في نفوسنا بذور المبادرة و الفعالية للاستمرار فيه لأنه سوف يُرى، يُرى من رب الكون بأكمله، الذي ما وضع فينا من روحه إلا ليرى السعي الذي كلفنا به في هذه الحياة واقعا ننجزه على الأرض (و أن ليس للإنسان إلا ما سعى، و أنّ سعيه سوف يُرى) و ما السعي إلا محاولة للتقدّم نحو الأفضل، كلٌّ حسب قدراته و إمكانياته، هو لشخص ما قد يختلف عنه لشخص آخر، لا بل هو يقينا لشخص ما مختلف عنه لشخص آخر

يعني أن السعي هو مهمة الإنسان و ليس النتيجة، و أن السعي أيضا هو الذي سنُحاسب عنه و ليس النتيجة، السعي مسؤوليتنا و النتيجة من الله عزوجل، السعي هو واجبنا في البحث عن الحل اتجاه أي تحدي نواجهه في حياتنا.. هو قمة الإيجابية، و قمة التحرك للأمام، و قمة التقدم خطوة نحو الهدف


السعي هو الجهد الذي تبذله النفس و الجسد معا في هذه الحياة لتحقيق الأفضل دون توقّف..


هو الذي يجعل الركود اندفاع، و السكون حركة، و هو الذي سيُكتب في صحيفة كل منا، و الذي سنُسأل عنه يوم لا ينفع مال و لا بنون، هو الذي سيُخلّد ذكرانا فوق الثرى.. و تحت الثرى.. و عند لقاء خالقنا خالق الثرى


اسعي يا نفسي و لا تيأسي كلما ظهرت بعض العقبات في وجهك، فأحيان كثيرة لا نستمتع بما حولنا من مناظر جميلة و تفاصيل مبهجة، وبشر رائعون يساندوننا لولا وجود مطبات الحياة التي تؤخّرنا في طريق الحياة السريع، اعتبريها تحدّ لقدراتك التي يستحيل أن تظهر لولا ظهورها، اعتبريها عقبة تهوي بك فتكسر قشور ضعفك لتكشف عن تلك القوة المختبئة الكامنة في أعماق داخلك.. قوة خارقة لن تظهر إلا في أوقات عصيبة.. في أوقات شديدة.. في أوقات اعتقدتِ أن لا نهاية لها..


فكما هو الألماس أنتِ، كلما اشتدت الظلمة حوله كلما لمع و ازدهر و غلا ثمنه


الحياة تستمر .. و النجاح الحقيقي فيها أن ننجح في النهوض بعد كل سقوط، و المبادرة بالبدء من جديد مرات و ليس مرة واحدة

و أن نتذكر أننا لم نُخلق لنخلَّد في هذه الدار هو أساس التغيير و السعي نحو الأفضل، فنعمل و نجتهد على طول الطريق حتى نصل إلى وجهتنا التي نتمنى أن نستقر و نرتاح فيها إلى للأبد


فلتتغيري أيتها النفس مهما شئتي، علّ هذا التغيير يكون حجّة لك لا عليك يوم ترتقين إلى بارئك..


لالن أطالبك بالمستحيل، فأنت لم تخلقي لهذا و لا أحد من بني جنسك

افعلي فقط كل..كل..كل ما بوسعك فعله


عندها تكونين كما قالوا قد أخذتي بالأسباب كأنها كل شيء ثم توكلتي على الله و كأنها لا شيء


و سأهمس لك كل يوم :

تقدّمي يا نفسي و لا تتوقفي فأنتِ خليفة الله في هذه الأرض و فيكِ من روحه،، فإن أصبت في طريق الحياة فهذا فضل من الله و إن أخطأتِ فكل ابن آدم خطاء، وباب التوبة ما وجد إلا لندخله بعد كل خطأ فننفض عنده أخطاءنا التي أثقلت كاهلنا راجين الله أن يغفر لنا، ثم نعود لدوامة الحياة بلا أخطاء، ثم نخطئ ثم نطرق باب التوبة بثوب الذل و الانكسار ونتوب، ثم نخطئ ثم نتوب، المهم أن نرجو الله أن تكون التوبة هي المشهد الأخير من مسلسل حياتنا قبل أن تُسدل ستارة الحياة الدنيا للأبد لتكملة ما تبقى من حياتنا في جزئها الثاني هناك في الآخرة


ما كانت هذه الكلمات سوى.. وشوشة حنونة... من نفسي ..لنفسي..

علّها تلمس شيئا ما داخل نفسك

في مكان ما ...

و في زمان ما..


 
 
 

Comments


Subscribe Form

Thanks for submitting!

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • Instagram

©2020 by Haya Alaqeel. Proudly created with Wix.com

bottom of page