top of page

بيضة يتيمة عند نافذتي

Updated: Sep 27, 2024


ree


بقلم : هيا العقيل



عند إحدى نوافذ البيت بنَت عشّها ..تلك الحمامة الأم

ثم وضعت بيضتين ناصعتي البياض.. كبياض الثلج


جلست عليهما و احتضنتهما بحنان


وقعت إحداهما أمام عيني حيث كانت الأم تهمّ بالطيران فسحبت معها بقدمها اليمنى دون قصد منها بيضتها، فوقعت

و أصبحت لاشيء قبل أن تكون شيء


لكنها سرعان ما عادت لتجلس على بيضتها الأخرى


يوم.. يومان.. ثلاثة.. أربعة.. خمسة.. ستة.. سبعة.. ثمانية على ما أظن


ثم ذهبت و لم تعود، مخلّفة وراءها عش ببقايا أسلاك، و أغصان شجر جافة، و بيضة مهجورة ما زالت مغلقة لم تفقس.. و ريش هو الذكرى الوحيدة لها من أمها التي هجرتها قبل أن ترى بصيص النور


لا أدري لماذا شردتُ عندما رأيت هذا المنظر .. هل ما فعلته الحمامة هو قسوة منها؟..هل وليدها مات و هي تدري بذلك بحكم غريزتها؟

هل هي من ماتت.. فكانت وجبة شهية لقطة جائعة مثلا ؟

هل ما عادت تحتمل حر الصيف فذهبت لتستظل و ما رغبت بالعودة؟


(هل) لا تنتهي


و أخذت أفكر بيني و بين نفسي:


كم من أحلام هجرناها قبل أن تنضج

كم من علاقات أهملناها قبل أن تكتمل

كم من أهداف وضعناها ثم تركناها و هربنا قبل أن تتحقق

كم من مشاكل أهملنا مواجهتها من شدة الخوف قبل أن تنتهي

كم من مشاعر هجرناها قبل أن نتأكد من حقيقتها

كم من واقع جميل كان بيننا و بينه خطوات قليلة تركناه خلف ظهورنا قبل أن نعيشه و ركضنا إلى واقع آخر لنبدأ عنده من نقطة البداية


حزين شكل تلك البيضة وحيدة في عش مهجور

و حزين كل شيء هُجر دون اكتمال ..دون أن يأخذ الفرصة ليبدأ و يزدهر و يكتمل


حزينة تلك الأحلام التي ما زالت في مكان ما مهجور بانتظار من يأخذ بيدها نحو الواقع لتتحقق..

حزينة تلك العلاقات التي لم تكن تحتاج سوى القليل لتنمو و تزدهر..

حزينة تلك المشاكل التي وصلت لطريق مسدود بعد أن كبرت دون أن تُحل أو حتى تُواجَه لتصغر و تعود لحجمها الطبيعي..

حزينة تلك المشاعر التي تخبَّطت بين جدران أرواحنا دون أن تجد لها متنَفَّس لتخرج منه، فأضحت عالقة بين ثنايا الروح حتى يومنا هذا مسببة لنا العلل الصامتة في أجسادنا ..

حزين كل واقع جميل تُرك دون أن نعطيه الفرصة و نخوض جماله و نستمتع بتفاصيله!


أن تترك شيئا دون أن تكمله، يعني أن تترك خلفك أبواب كثيرة مفتوحة بانتظار من يغلقها بشجاعة،

ذلك أن تغلق باب أنت قادر على إغلاقه يعني أنك مبادر و شجاع و متصالح مع نفسك و تحب هذه الحياة التي ستحياها مرة واحدة بوعي، و أنك لست كباقي الكثيرين الذين مهمتهم هي فتح الأبواب .. و تركها مفتوحة للأبد .. و التي لا بد و أن سيأتي يوم يندمون فيه على عدم إغلاقها..

تحديدا في اليوم الذي سيغلق فيه عليهم باب آخِر غرفة من غرف هذه الحياة الدنيا

ألا و هو.. باب القبر


الفرصة ما زالت أمامنا لنغلق ما نستطيع إغلاقه من أبواب، و لنصلح ما نستطيع إصلاحه من مواقف

و لننفض الغبار عما تبقى لنا من أحلام


و لنعلم أننا إن لم نتحرك للأمام فسيتحرك كل ما حولنا نحوه و سنبقى نحن مكاننا ننظر إلى من سبقنا في مواجهة الحياة بكل تفاصيلها حتى النهاية.. لا بل وستجرنا الأيام للوراء لنستمر في الندم و الندب و الحزن على ما فات و الذي لا فائدة منه دون وجود نية تغييره والعمل على ذلك


أن تواجه الحياة قدر استطاعتك يعني أنك خليفة الله في الأرض .. و أنك من كلفك الله بإعمارها،

يعني:

أنك مؤثر و قائد

أنك اليد العليا المبادرة

أنك المؤمن القوي

أنك تحسن الظن بالله

أنك متفائل

أنك إيجابي


أنك تسعى للأفضل دائما ..و الأفضل لا يأتي سوى للشجعان المغامرين الذين لا يخشون الصمود حتى النهاية لخوض الحياة بكل تفاصيلها في جميع الظروف..


فيغيرون ما يستطيعون تغييره.. و يواجهون ما يستطيعون مواجهته.. و يتأقلمون و يبذلون ما باستطاعتهم بذله، و يستمرون في المضي قدما أيّا كان مكانهم..

و الأهم من هذا كله أنهم لا يتوقفون عن المحاولة إلا لأخذ استراحة و النهوض من جديد





Comments


Subscribe Form

Thanks for submitting!

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • Instagram

©2020 by Haya Alaqeel. Proudly created with Wix.com

bottom of page