top of page

قال لها: (سندريلا خلعت حذاءها فوجدتْ الحب.. أما أنتنّ فقد خلعتنّ كل ملابسكن و لم تجدنه)

ree

بقلم : هيا العقيل



أثبتَ لنا التاريخ بأن النساء اللاتي اعتمدن اعتمادا كليا على أجسادهن و مظهرهن الخارجي، ليتربّعن على قلوب الرجال أو على ما في جيوبهم، قد تكلّلت محاولاتهن - البعض طبعا و ليس الكل - في بداياتها بالنجاح، ثم ما لبثت أن تدهورت و تدحرجت نحو الفشل، ذاك الذي أحدثَ دويّا هائلا في نفوسهن؛ دفع ببعضهن إلى هاوية القلق و الاكتئاب، أو الانتحار، أو التمردّ، أو الانفجار. أو إلى اللجوء إلى الله، أو الروحانيات، أو السير في أولى خطوات النمو و النضج، والأمثلة على ذلك كثيرة لا تُعدّ و لا تُحصى


و لا أحد منّا يُنكر أهمية المظهر الخارجي المهذب الجميل في استمالة القلوب، و في جذب الكثير من العلاقات " السطحية "من حولنا، فما بالك حين تكون هذه العلاقة بين رجل و امرأة، حيث تميل فيها الأنثى بفطرتها لإظهار أفضل مافيها لجذب الرجل، و كل ذلك بطبيعتها و غريزتها

-و هذا في معظم الكائنات الحيّة و ليس حصرا على بني البشر- لكن حين تتحول هذه الغريزة المتمثّلة بالاهتمام المبالغ  فيه بالجسد لتصبح هويّة المرأة، وأساس و محور حياتها، عندها تبدأ المشكلة و تتفاقم؛ لأن هويّتها المحصورة بجسدها ستتبخّر عند أول مطب في علاقتها بالرجل - ذاك الذي سيعتاد جمالها كما يُعتاد كل شيء جديد بعد فترة من الزمن -  إن لم يسند هذه العلاقة أساس راسخ و قواعد قوية متينة تقوم عليها ، ذلك أن سرّ النجاح، و الاستمرارية، و الاستقرار الحقيقي في العلاقة بين الرجل و المرأة يكمن في التوازن بين الجاذبية، والشخصية، والقيم الأساسية للعلاقة الصحية من كليهما


هل حقا ما يحتاجه الرجل و المرأة في زماننا هو ما يروِّج له الإعلام؛ من علاقات حميمية، و جمال، و إغراء، واستعراض، و ماديّات ؟ هل هذا هو ما يُشبعنا نحن بنو البشر ؟ أم أنه على العكس؛ يُضيف إلى جوعنا جوع، و إلى فقرنا فقر، و يعصب أعيننا ماسكا بأيدينا نحو طريق مظلم لا نبصر نهايته،  ثم ما يلبث أن يباغتنا و يشدّنا بقوة - قبل أن ندرك و نتدارك- نحو انحدار شديد قاذفا بنا نحو الهاوية، جارفاً في طريقه ثقتنا بأنفسنا و بأولئك الذين هم من حولنا؛ تلك الهاوية التي باتت مقرّا لعدد ليس بقليل من بني جنسنا؛ الذين سبقونا والذين سيأتون من بعدنا إن هم قرَّروا و سلكوا نفس طريقنا


أنظرُ حولي فلا أجد من العلاقات تلك التي باتت في نهاياتها - لكِبَر أعمار أصحابها و اقتراب خطواتهم نحو الحياة الأخرى- تلك التي بقيَت عامرة تنبض حياةً بين الرجل و المرأة، و صمدتْ حتى النهاية رغم كل ما مرّت به من عواصف الحياة عبر السنين؛ إلا تلك التي كانت خلطتها السحرية؛ قليل من الرحمة، قليل من المودة، قليل من الصبر، قليل من الأصل، قليل من العشرة، قليل من الاهتمام، قليل من التقوى، و قليل أو كثير من الأخلاق الملائكية من أحد الطرفين أو من كليهما، و لم أجد جمال شكليّ واحد قد كان هو السبب الرئيسي "للإبقاء على العلاقة"


هذا لا يعني أن ننكر أن الجاذبية الجسدية قد تفتح الأبواب في كثير من الأحيان، لكنها لا تكفي وحدها أبدا لإبقائها مفتوحة، و تلكَ التي تراهن على جسدها فقط، لتصعد عرش الحب أو تفتح أبواب الجيوب، قد تفوز في البداية، لكن ما تلبث أن تنتهي صلاحيتها بعد وقت قصير؛ ف كم من جميلة مرّت عابرة على العيون و العقول، و كم من عميقة بقيتْ راسخة في أعماق العقول فأصبحت أجمل حتى في العيون ، لأنها كانت وطن تسكنه بجميع جوارحك، لا مجرد غرفة نوم تقضي فيها شهوتك و تمضي


و ما أكثر " جميلات " هذا الزمان و مع ذلك البيوت لم تعمَّر بهن ..


في مقابلة.. ردّ أحدهم بسخرية على سؤال المذيعة له بخصوص نساء أيامنا هذه قائلا:


سندريلا خلعت حذاءها فوجدتْ الحب، أما أنتنّ فقد خلعتنّ كل ملابسكن و لم تجدنه


سندريلا خلعت حذاءها فوجدتْ الحب، أما أنتنّ فقد خلعتنّ كل ملابسكن و لم تجدنه

في زمن يعجّ بالمظاهر، و التكنولوجيا، و الأجهزة الحديثة المتطورة، تلك التي فاقت سرعتها قدرتنا على مجاراتها على جميع الأصعدة؛ لكثرتها وتسارُع وتيرة ابتكارها، علينا أن نتوقّف قليلا، نعي، نستوعب، وألا ننجرف و ننساق ونصدّق كل ما نراه؛ و ألا نضع معاييرنا في حياتنا و علاقاتنا بناءا على ما نراه فيها.


بتنا في زمن البيوت فيه مفتوحة على مصراعيها لمن هبّ و دبّ، حتى و إن لم ندخلها من بابها الحقيقي إلا أننا قد دخلناها  و اقتحمنا خصوصيتها ألف مرة على أجهزتنا المتناثرة في كل مكان، و والله لو كانت غالية في عيون أصحابها لما فتحوها و جعلوها مستباحة للأقارب، فما بالك مع أولئك الأباعد؛ من مختلف الأشكال، و الألوان، و الأنفس، و النوايا الخفيّة التي لا يعلمها إلا الله.  هم فتحوها لأنهم فارغون؛ يبحثون عمّن يطبّل لهم حين استنفدوا جميع وسائل لفت الأنظار في الخارج، فما عاد لديهم جديد، فأقحموا المتفرّجين عليهم طواعية إلى الداخل، حتى وصل ببعضهم الأمر أن يُقحموهم غرف نومهم، و غرف أطفالهم، و حماماتهم، لا بل و يطلبون منهم رأيهم في ملابس نومهم و  روتين نومهم، و تفاصيل نومهم و....و...


فخلعوا طواعية كل شيء أصيل حقيقي، و لم يحصلوا على شيء سوى المزيَّف بمعناه الحقيقي


علينا أن نُذكّر أنفسنا دوما أنّ الغالي و النفيس لا تشاركه الأنظار، و أن الرخيص الهابط هو المبتذل و المكشوف لجميع الأنظار


علينا أن نُذكّر أنفسنا دوما أنّ الغالي و النفيس لا تشاركه الأنظار، و أن الرخيص الهابط هو المبتذل و المكشوف لجميع الأنظار و في جميع الأقطار، ذاك الذي يجمع حوله من يلهث خلف المظاهر، و القشور، و أي شيء من شأنه أن يسيل له اللعاب



و صدق الشاعر حين قال :


يا خادِمَ الجِسم كمْ تشقى بخِدْمَتهِ

لِتطلُبَ الرَّبحَ في ما فيه خُسْرانُ

أقبِلْ على النَّفسِ فاستكمِلْ فضائلَها

فأنتَ بالنَّفسِ لا بالجِسمِ إنسانُ




و السلام ..

 
 
 

Comments


Subscribe Form

Thanks for submitting!

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • Instagram

©2020 by Haya Alaqeel. Proudly created with Wix.com

bottom of page