ما خُلق العظماء ليثبتوا شيئًا للصغار
- Haya Alaqeel
- May 2
- 3 min read

بقلم : هيا العقيل
لا تُضِع عمرك لتثبت أنك شيء لأحد يعنيك
و أنت لا تعنيه بشيء، لأنك لو كنتَ تعنيه لما احتجت لشعور الإثبات من الأساس
لا تُضِع عمرك تتوسّل عطفا من أحد، فالناس تزهد بمن يتمسك بها أكثر من اللازم، و تلهث خلف من لا يعطيها اهتماما زائد
لا تُضِع عمرك تبرّر أنك تستحق الأفضل لأنك نقيّ، فمن يرى فيك الأفضل سيقتل هذه الرغبة فيك و يقتلعها قبل أن تتجذّر و تصبح عادة .. عادة أن تبرّر أنك طيب و لا تقصد غير ذلك
لا تُضِع عمرك لاهثا لإرضاء هذا و ذاك،
و بعضهم لا يستحق منك حتى أدنى التفات.. و التفت لربك؛ ف ربّ هذا و ذاك أَولى أن تجعل هدفا في حياتك رضاه، فإن رضي العزيز الملك الجبار أعزّك و أكرمك و أرضاك.. رغم أنف فلان و علّان
لا تُضِع عمرك تحفظ ودّا و تجتهد ألا يتفلّت من بين يديك.. و غيرك لا يكترث لا لجهدك و لا لك أنت من الأساس، و قد لا يتورّع عن أذيتك لمجرد مغالاتك في بذل الجهد للاحتفاظ به.. و غيره الكثير من البشر الرائعين حولك ينتظرون منك لحظة التفات
لا تُضِع عمرك باغيا القبول و باب من تطلبه مقفول، و لك باب عند رب الكون مضمون لا يُغلَق و إن أنت أخلصت له النيّة كنت عنده معزّز مقبول
لا تُضِع عمرك دون هدف تسعى له، و تكن في قائمة غيرك وسيلة توصلهم لما هم يريدون
لا تُضِع عمرك بلا كرامة متذرّعا بالحب، فمن يحبك لا يجعلك يوما في نظر نفسك و لا من حولك تهون
لا تُضِع نفسك ترفع من لا يستحق سوى الضعة، و تذل من يستحق الرفعة و الكرامة، و لا تكن ساذج في موازنة الأمور
لا تُضِع نفسك تتمسك بهذا و ذاك و تعتقد أنك مسيطر .. ثم تكتشف في نهاية المطاف أنك الوحيد الذي أحكمت مسك حبل الوصل من جانبك و من جانبهم قد علقوا الحبل بالوهم و السراب، و تركوك
استغنِ تملك نفسك..
استغنِ ترفع قدرك..
استغنِ تجعلهم يعيدون النظر في كيفية وصلك..
استغنِ تملك نفسك..استغنِ ترفع قدرك..استغنِ تجعلهم يعيدون النظر في كيفية وصلك..
و تذكر ما قاله شمس الدين التبريزي حين سأله جلال الدين الرومي: كيف تبرد نار النفس؟
ردّ عليه: بالاستغناء، استغني يا ولدي، فمن ترك ملكْ.
ليردّ الرومي: وماذا عن البشر؟
قال: هم صنفان، من أراد منهم هجرك وجد في ثُقْب الباب مخرجًا، ومن أراد ودك، ثقب في الصخرة مدخلاً
سألتني إحداهن عن تجنبي لبعض البشر في حياتي أو تعمّدي تجفيف منابع العلاقة معهم، فأخبرتها ببساطة أني أتبنى فلسلفة بسيطة في الحياة و هي أني: في البداية أعاملك بأخلاقي و أفتح لك بابي و أقف بجانبه احتراما لك، أستقبلك و أبتهج بمجيئك، مرة..مرتين..و قد تصل في حالات نادرة إلى ثلاث، لكني بعد ذلك إن لم تعطني قدري كما أعطيك و تحترمني كما أحترمك و أشتم رائحة مزاجيتك التي بدأت تتكرر في حضوري.. لا تخف سأدع بابي مفتوحا لك -لأنه من النادر أن أجعل أحدهم يرقى لأن يكون أساسا من أعدائي- لكنك في كل مرة ستأتيني بعدها.. ستدخل أنت إليّ و تأتيني حيث أكون (هذا إن وجدتني)، سأحترمك؟نعم، لأني محترم، لكني لن أقف لك كما كنتُ أفعل سابقا .. استحالة
لا تُضِع نفسك فالوقت قصير.. و لكن الرحلة شاقّة تحتاج إلى بشر حقيقيين صادقين يُهوِّنونها عليك، لا مزيّفون يعرقلونك فيها و يضاعفون فيها التعب عليك
و لا تحاول أن تثبت قيمتك لأحد، فهذا يعني أنك لم تؤمن بها بعد، لأن من يوقن بقيمته و مكانته لا يناقش فيها من الأساس
كن عزيز النفس عظيما .. فما خُلق العظماء ليثبتوا شيئا للصغار
و السلام..
Kommentare